الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الــقلـم الــحـر: هـكــذا صـار قـلـب الحقائق وتزييف التاريخ عملا رسميا و مقنــنا...

نشر في  22 مارس 2017  (11:07)

بقلم الأستاذ عفيف البوني

في ليلة ما بين 26 و27 جانفي 1980هجم عشرات من المسلحين القادمين من ليبيا عبر الجزائر على مراكز الشرطة والحرس وثكنتين للجيش وقتلوا وجرحوا 18من المدنيين ومن أعوان الحرس الوطني، قتلوا 38وجرحوا 90 واحتجزوا  300 من الجنود الجدد المتدربين وغير المسلحين وحوالي 70تلميذة في مبيت المعهد الثانوي.
حدث ذلك في مدينة قفصة عام 1980.كان القذافي هو من هندس ودرب وسلح ومول وخطط وأشرف على هذا التدخل وهذه العملية المفاجئة والمدبرة بليل  في شكل مغامرة وتآمر على تونس خلافا ﻷعراف حسن الجوار والتآخي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، باﻹضافة الى عدم أهلية القذافي في أن يصدّر أي شيء من ليبيا غير النفط، فبضاعة «الجماهيرية» ليست قابلة للتصدير بل أخرت الليبيبين أربعين سنة عن مواكبة ما حققته قطر ودولة اﻻمارات فما بالك بما حققه بورقيبة من نهضة في التعليم والصحة والقضاء وحقوق المرأة.. وكان القذافي قد أدخل كميات كبيرة من السلاح عبر المهربين كما  كان قد وعد المهاجمين المسلحين والممولين والمؤتمرين من طرفه، بأنه سيرسل الطائرات العسكرية للحماية والدعم حال السيطرة على قفصة كخطوة أولى.

وتبخرت خياﻻت القذافي وفشل المهاجمون وكانوا من التونسيين الذين غرر القذافي بعقولهم ففقدوا صوابهم ووضعوا أنفسهم في مؤامرة انقلابية وأجنبية ومعزولة ﻻ صلة لها بالثورة وﻻ بالوطنية وﻻتصلح أن تكون عند الوطنيين العقلاء من المعارضين ومن الثوريين وسيلة للرد على ما كان من استبداد في حكم بورقيبة وما حصل من انسداد للآفاق وتفاقم اﻷزمات. لقد كانت تلك العملية مغامرة انقلابية ومؤامرة أجنبية بمنطق السياسة والقانون ﻻ يمكن تبريرها بما كان من اﻻستبداد، والضحايا من المدنيين ومن اﻻمنيين والعسكريين هم وحدهم الشهداء، استشهدوا او جرحوا دفاعا عن تونس الشعب والدولة والقانون، أما المهاجمون فمغامرون وانقلابيون متواطئون مع اﻷجنبي.. ذلك هو منطق السياسة والقانون والتاريخ وهو وعي راسخ في الضمير الشعبي والرأي العام، لكن الذي يحدث في تونس من قبل من سنوا قانون الحقيقة والكرامة ونصبوا هيأتها المسيسة، لم ولن يخدموا الحقيقة و ﻻ يملكون حقّ إعطاء الكرامة لمن ﻻ يستحقها وﻻ سلبها من مالكيها عن جدارة، هؤﻻء الذين سنوا ذلك القانون وعينوا المنحازين سياسيا على الهيأة، يكررون بشكل آخر، وعبر السياسة والقانون أي بصيغة رسمية قلب الحقائق أي تزييف التاريخ، مثال ذلك، ملفات الذين تواطؤوا مع القذافي ضد قفصة وتونس 1980 وملفاتهم جزء من حوالي 60 ألف ملف، هؤﻻء المعتدون على القانون والعلم، صاروا (ضحايا) لهم حقوق! والشهداء المدنيون اﻷبرياء واﻻمنيون والعسكريون الضحايا، سيصبحون من غير الشهداء بل من «المعتدين» على المهاجمين مرتزقة القذافي، أي معتدين على من اعتدى على علم وتراب بلادهم مهما تكن جنسيته.
والعدوان على قفصة مجرد مثال..

قال الشاعر الكبير الراحل أحمد اللغماني في حينه متأثرا  بالهجوم على قفصة:
قم فانظر يا عمر المختار....عبث ( الثورة والثوار )
لو تدري ما فعلته ( الثورة )....بالحرية واﻷحرار
لكفرت بهاوجزعت لما....حملت لبلادك من أوزار
قم فانظركيف يخرب ما ....شيدت ومن أعلى، ينهار
فئة لم تبلغ سن الرشد....هوايتها اللعب بالنار
والقصيدة طويلة ومعبرة ..